رحلتي الإثرائية في بريطانيا!

مشاعل الجلوي – الفائزة بالجائزة الخاصة لعام 2016
01/04/2017

انطلقنا إلى متحف العلوم البريطاني Science Museum مستعينين بتطبيق قوقل للخرائط، وكلّنا حماس وشوق لاكتشاف الآليات والمركبات الجبارة التّي كان الرواد يستخدمونها في ريادة الفضاء، والتّي طوّرها العلماء على مرّ الزّمن. كما تتاح لنا فرصة نادرة بمشاهدة قطعة صغيرة من صخور القمر التي تم حفظها في غاز النيتروجين الذي يمنعها من التفاعل والتّأكسد في جو الأرض. ناهيك عن التّعرّف على المركبة الفضائيّة أبولو التيّ هبطت أول مرة على سطح القمر. فكنا محظوظين فعلا بهذه الفرصة، وبالاطّلاع على كلّ هذه الآلات التّاريخيّة العظيمة.

جولة (كات / CAT) الأوليّة في “المبنى الذّكيّ”:

لقد بدأنا الجولة بعد أن تناولنا الفطور مباشرة بتوجيه من الأستاذ المرشد، وكانت السّاعة تشير إلى الثانية بعد الظهر، حيث قمنا بجولة داخل المبنى للتعرّف عن كثب على أسرار بعض المواد التي استخدمت في تشييد، مبنى ذكي كهذا المبنى، ومدى أفضليتها على مواد أخرى أكثر كلفة. وكم كان ممتعًا اطلاعنا على كلّ تفصيل تمت دراسته خلال عملية البناء، وبالشكل الصحيح ليتوافق مع رغبة الجميع في الحفاظ على درجة حرارة ثابتة في المبنى، دون اللجوء إلى المكيّفات للتبريد أو للتّسخين، والتّي قد تضرّ بالبيئة الخارجية عند تشغيلها بمصادر طاقة تقليدية غير متجدّدة. ولن ننسى طبعًا المغامرة التي خضناها تحت الأرض لاكتشاف كائنات حيّة غريبة ومتنوّعة!

تغيّر المناخ ومصادر الطّاقة..

صعدنا إلى الطّابق الثّاني مع أستاذنا المرشد، الذي أصابنا بالصّدمة والدّهشة، عندما عرّفنا بشكل دقيق، أن الغازات التيّ تسبب التّغيّر المناخيّ في كوكبنا، مصدره المصانع والآلات والماكيناتٌ التي نستخدمها في حياتنا اليوميّة!.. ولكن الناحية الإيجابيّة كانت، عندما علمنا أن أية مساهمة صغيرة من كلّ فرد منا، جديرة بأن تساعد مع الوقت، في الحد من الاحتباس الحراريّ، وبالتّالي تجنبّنا التغيّير الكارثي للمناخ!

طاقة الرّياح

توجّهنا إلى غرفة في الطّابق الثّاني بعد الغداء مباشرة، ومن ثمّ تسلّقنا التّلال بتوجيهات أستاذنا لرؤية بعض توربينات الرّياح عن كثب، وموقع بعضها الاستراتيجي حيث سرعة الرياح هي الأمثل، مما يؤثر على نتيجة الجهد! وكان الهدف باختصار أن نتعرّف أكثر على توربينات الريّاح وكيف أن كل شفرة مصمّمة بشكل دقيق لتدور بفعالية وتُشغّل مولّد الكهرباء.

طاقة المياه

وصلنا بعدها إلى الطابق الأرضيّ لملاقاة أستاذنا لنترافق معاً إلى التلال، لمعرفة مصدر المياه، ولاحتساب ارتفاع سقوطها من أعلى التلّة إلى الأسفل، ولقياس قوة تدفّق المياه، ومقدار الطاقة المستمدّة منها، ومقدار كفاءتها وذلك بالاستعانة بالفولتميتر لقياس الجهد الكهربائي، والأمّيتر لقياس التّيار الكهربائي وقياس سرعة المياه، وعامل المقاومة المتغيّر في الدارة الكهربائيّة، حتّى نتمكن من تحليل تأثير ذلك على الجهد والإنتاج الحالي من أجل الحصول على أفضل إنتاج للطاقة. ولقد غمرنا الفضول القويّ لندرك كيف تعمل التوربينات، ودُهشنا لتأثير ارتفاع مسقط المياه على إنتاج الطاقة الكهربائيّة، فكلما ارتفع مستوى المياه عن الطابق الأرضي زادت قوة إنتاج الطاقة الكهربائيّة.

مغامرة في الغابة..!

ما إن انتهت المحاضرة حول المياه، حتى انتقلنا إلى الغابة، واتّبعنا الإشارات التي تدلّنا على الطريق، مستمتعين بالمناظر الطبيعية الخلابة في ماكينليث Machynlleth، وكان أكثر ما لفت انتباهنا، البقعة التي كانوا يستخرجون منها الألواح الصّخريّة، التي كانوا يستخدمونها في استعمالات جمّة. بعد الغداء توجهنا إلى وسط الغابة مباشرة، لنصل إلى ذروة التحدي، حيث كنّا معصوبي العينين، نتلمس الطريق بواسطة حبلٍ مشدود، معتمدين على بقية حواسنا، وعلى رؤوسنا خوذة الحماية من أجل السلامة. وكانت مغامرة لا تنسى، علّمتنا كيف نستخدم بقيّة حواسنا بحكمة وبعناية، ونشكر الله على نعمة البصر.

الطاقة الفوتوضوئيّة!

بعد تلك المغامرة الفريدة في الغابة غيّرنا ملابسنا التي اتّسخت، وكنا متشوّقين لاكتشاف أسرار الخلايا الشمسيّة وآليّة عملها، ونقاط ضعفها وغير ذلك، فكان لقاؤنا مع دكتور آرثر الذي أسعدنا عندما أعلمنا بأننّا سنقوم نحن بتركّيب الخلايا الشمسيّة خارج المبنى، ونقيس أشعّة الشّمس، والمقاوم المتغيّر، حتّى يتسنّى لنا ملاحظة التغيير في التّيار الكهربائيّ المحدّد من الأمّيتر، وكذلك ملاحظة الجهد المحدّد بالفولتيميتر، وأخيرًا قياس الطاقة بضرب الجهد، في التّيار الكهربائيّ للتوصل إلى أفضل ناتج للطاقة، وبالتّالي قياس فعاليّة الخلايا الشمسيّة. ولكن استغربنا من أن النّقاط الضعيفة التّي من شأنها أن تُخفض من كفاءة الألواح الشمسيّة، لم يتم البحث والعمل عليها بشكل صحيح حتى الآن.

جولة حرة في الغابة

قمنا بجولة أخيرة حرة هذا اليوم، قبل غروب الشمس حول مباني كات CAT عابرين الغابة! لنشاهد أنواعاً كثيرة من النباتات الغريبة، والزهور الجميلة، والأشجار الضخمة، والحشرات العجيبة، فكانت جولة رائعة أمتعت أنظارنا وأبهجت قلوبنا. هذه النزهة الحرة قمنا بها بمفردنا، برهنا فيها أننا جديرون بأن نعتمد على أنفسنا.

جولة أخرى في السّوق

توجّهنا إلى السّوق بعد الظهر لمزيد من التّعمق في التعرف على المدينة وثقافاتها وتذكاراتها. فكان لدينا مهمة أخرى بشراء جميع المواد اللازمة لخبز البيتزا احتفالا بيومنا الأخير! وقد قسّمنا قائمة المواد بيننا، وكان على كل واحد منا أن يقوم بمهمته في الوقت المحدد، وأن نلتقي عند صندوق المحاسبة.

قصّة الطّاقة، وشركة دولاس

وبعد الغداء مباشرة، توجهنا إلى قاعة مع الأستاذ بول ألن، ليقصّ علينا قصة الطّاقة، وكانت قصّة مثيرة للاهتمام مع أنها لم تتعدَّ مدة 45 دقيقة! إلا أننا تمنّينا لو أنها كانت أطول!. بعد الفطور مباشرة ركبنا الحافلة متوجهين إلى “شركة دولاس للهندسة“، حيث التقينا بأحد الأساتذة من ذوي الخبرة العلمية الواسعة، فكنّا له آذاناً صاغية في شرح الصعوبات التّي تقف عائقًا في إدخال تقنية الألواح الشمسيّة إلى الدّول النامية!

بريطانيا خالية من الكربون!

توجهنا بعد الغداء إلى قاعة صّفنا في الطّابق الثّاني، فأخبرنا أستاذنا عن الطّرق والأساليب الكثيرة التّي تتبعها بريطانيا، من أجل تحقيق هدفها البعيد المتمثّل بخفض انبعاثات الكربون فيها لتصل مع مرور الوقت إلى الصّفر! خطّةٌ ألهمتنا بأن نؤمن فعلا أن كل دولة قادرة على تحقيق ذلك، بالإرادة الحقيقية والعمل الجاد، ولكن بفارق التوقيت فقط.

زيارة الغابات والمزارع العضوية

خرجنا بعد الظهر إلى الحديقة، وتأملنا أنواع الفواكة والخضار المختلفة من إنتاج السماد العضوي، والتّي كان طباخنا يستخدمها كمصدر طبيعي سليم يقدمها لنا طعاماً صحياً مميزاً. ثم توجهنا إلى الحدائق مع مجموعة من الأساتذة لننظر في أنواع الأشجار المختلفة ومميزاتها، وتاريخ حياتها. والذي أدخل السرور إلى نفوسنا أنهم أُوكلوا إلينا مهمة طريفة، وهي أن نستخدم بعض الأخشاب في محاولة صنع شيء، باستخدام بعض الأدوات الخاصة، تحت إشرافهم وذلك للحفاظ على سلامتنا.

نجحنا!

اختتمنا رحلتنا التثقيفيّة باحتفال مع طاقم كات CAT بكاملّه، حيث اجتمعنا حول مائدة البيتزا التّي حضّرناها بأنفسنا مع كيكة الجزر، بإشراف شيف كات CAT وذلك تكريمًا لنا على عملنا الدؤوب!. لقد خضنا تجارب عديدة، وخضعنا لتحديات كثيرة، ومع أننا عملنا بجد وتعبنا، وربما تألمنا أحياناً.. ولكنا استمتعنا خلالها كثيراً وضحكنا وانطبعت في ذاكرتنا! فكرة محورية رئيسة هي أننا مهما اختلفت آراؤنا وأعراقنا فقد كنّا كأُسرة واحدة هدفنا واحد: هو العلم!

وسوم