
الطاقة الكهرومائية بين الحاجة والاختراع!
يحفل تاريخنا الإسلامي بقصص علمائنا الأجلاء وإسهاماتهم العريقة وأفكارهم العبقرية في الاستفادة من جريان المياه، حيث قاموا باختراعات ساهمت في مسيرة الحياة البشرية، لتناسب نمط معيشتهم وتلبي احتياجاتهم، فقد صمموا ساعة الماء، وصنعوا نواعير ضخمة لرفع المياه وتوصيلها إلى المدن عبر القنوات والقناطر، وكان لهذا الصنيع الأثر الكبير في استقرار حياتهم وتأمين حاجاتهم.
الطاقة المستمدة من قوة المياه المتساقطة كالشلال والجارية كالأنهار، التي يمكن تسخيرها وتحويلها إلى طاقة كهربائية تعرف بالطاقة الكهرومائية
واستمر الإنسان بعد ذلك في البحث والتقصي للاستفادة من جريان المياه وقوة اندفاعه بشكلٍ كبيرٍ وتحويله إلى نوع أخر من الطاقة، فاستقر إلى أن الطاقة الحركية في المياه الجارية، يُمكن تسخيرها وتحويلها إلى طاقة كهربائية. فعندما توجه المياه الجارية إلى توربين فإن قوة اندفاعها تجعل التوربين يدور، وهذا بدوره يُحرك مولداً يحول طاقة المياه الجارية إلى طاقة كهربائية، وهذا مايسمى بالطاقة الكهرومائية.
وتعتبر الطاقة الكهرومائية اليوم أحد أهم مصادر الطاقة المتجددة في العالم، إذ تُنتج محطاتها أكثر من 16% من الطاقة الكهربائية العالمية. لذا فإن بإمكان الدول ذات الطبيعة الجبلية والغنية بمياه الأمطار والأنهار أن تغطي أغلب احتياجها للكهرباء من الطاقة الكهرومائية. وحالياً تعتبر المحطة الكهرومائية الصينية ” سد الممرات الثلاثة ” الأكثر إنتاجاً للطاقة في العالم، فهي تنتج حوالي 22500 ميجاوات، أي مايكفي لتزويد عدة مدن كبيرة بالطاقة الكهربائية. ولم يتوقف العالم عند هذا الحد فدولة الكونغو الديموقراطية تقوم ببناء السد الأكثر إنتاجاً للطاقة في العالم، حيث سيولد طاقة كهرومائية تعادل إنتاج 20 مفاعلا نوويا من الحجم الكبير.
تُمثل الطاقة الكهرومائية 99% من إجمالي الطاقة المنتجة في النرويج
كما سعت الكثير من الدول لإدخال الطاقة الكهرومائية ضمن منظومة الطاقات لديها، مما يجعلها منافسةً قوية للوقود الأحفوري، فهي آمنة لقلة انبعاث الغازات الدفيئة من محطاتها، إذ تعتبر داعماً للمحافظة على البيئة، بالإضافة إلى كونها طاقةٌ موثوقةٌ يُمكن الاعتماد عليها بشكل مستدام.