تدريبي بمعرض مشكاة التفاعلي
بقلم الطالبة بشرى الصفار – طالبة بجامعة الملك سعود وعضوة في نادي فيزيكا
عندما وصلتني من المركز المهني للشراكة الطلابية رسالة القبول للتدريب في معرض مشكاة التفاعلي أخبرتني صديقتي قائلةً: (سوف تستمتعين، ولكن لن تستفيدي الكثير…) فاحترت في أمري، هل أنهي بعض مقرراتي بدراسة فصل صيفي، أم أخوض تجربة جديدة في سوق العمل؟ ثم فضلت الخيار الثاني، والحمد لله على ذلك.
معرض مشكاة التفاعلي، مبادرة كريمة من مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، حيث يهتم القائمون عليها برفع مستوى الوعي بشأن الطاقة الذرية والمتجددة، من خلال طرق التعلم التفاعلية والغير التقليدية، وذلك بهدف المساهمة في تطوير الكوادر البشرية الوطنية لإعداد جيل مبدع واعد.
ومما يلفت النظر، اعتماد فريق المعرض على اللغة العربية بشكل رئيس، عوضاً عن اقتصار المعرفة على اللغة الإنجليزية فقط، وذلك في بيئة عمل مريحة ومحفزة، فلكل عضو من فريق العمل أسلوبة الخاص، ولكن الجميع لهم هدف واحد يسعون له وهو إثارة الإبداع والابتكار.
في اليوم الأول استقبلتنا الأستاذة شماء الهواوي بالحفاوة والترحيب، وبدأت بالتعريف بمعرض مشكاة التفاعلي وما يقدمه من خدمات لمجتمعنا، وكانت مليئة بالحماس والشغف، مما نقل لي شعوراً صادقاً عن حقيقة بيئة العمل المحفزة، وأظن بأن هذا هو سر إبداع معرض مشكاة التفاعلي! وهكذا كان الأسبوع الأول حافلاً بالدورات التدريبية عن التواصل في بيئة المعرض وتكوين فريق العمل. تعرفنا فيه على أنماط الشخصيات وكيفية التعامل مع حالات التوحد وذوي الاحتياجات الخاصة في دورة “كن مرشداً“، ومن أهم المهارات التي اكتسبتها في هذا الأسبوع كيفية كتابة البريد الإلكتروني، والتي كانت تستغرق مني الكثير من الوقت، لكتابة البريد إلى أساتذتي في الجامعة، أما الآن فقد صار من أسهل الأمور لدي. تعرفت أيضا على أساسيات البحث العلمي، وأنظمة العمل وأساسيات التعامل في بيئة العمل، الأمر الذي لم نكن نعرفه سابقا، وأكثر المعلومات كانت جديدة ومفيدة بحكم نهاية مشوارنا الجامعي وإقبالنا على سوق العمل.
أما في الأسبوع الثاني فقد تم توزيع مواضيع البحوث علينا بمراعاة أقسامنا العلمية، حيث كان عنوان بحثي “الحماية من الإشعاع في المفاعلات النووية“. وقد واجهني تحدي الوقت في بداية مهمتي، فكنت أخبر المدربة أنه من الصعب جداً أن أنهي البحث في ثلاثة أيام فقط، ولكن حماس زميلاتي المتدربات ومباشرتهن بالعمل أعطاني الطاقة والعزيمة، فبدأت فوراً بوضع خطة والعمل عليها. وكنت أعمل في المكتب لمدة ست ساعات متواصلة، وأكمل العمل في المنزل إلى أن أنهيت مهمتي. لا أنكر أن ذلك الأسبوع كان مجهداً، ولكن سعادة الإنجاز فاقت كل شيء! وتأكدت حقاً أن لا شيء مستحيل، وأنه يمكنك فعل أي شيءٍ متى كانت لديك الإرادة والعزيمة، ومهما كانت الصعوبات والتحديات.
وقد تم تقديم البحوث يوم الخميس، وقام كل من الأستاذ فارس الأحمري والأستاذ ماجد الشهراني بتقييمنا، وإعطائنا ملاحظاتهم لكي نحسن من أدائنا في المستقبل.
والأسبوع الثالث كان من أمتع الأسابيع فقد تم تقسيمنا إلى مجموعتين وأعطيت كل مجموعة مشروعاً مختلفاً لإنجازه خلال أسبوع، وكان مشروعنا عن المعدات الهيدروليكية، وفي الحقيقة كنت أبدأ بمثل هذه المشاريع ولكن لا أكملها، فإذا واجهت مشكلة أفكر بحل، وإذا لم ينجح أستسلم بسهوله وأترك العمل..، أما هذه المرة فقد عزمت على إنهاء المشروع وبسرعة، فمنذ بداية العمل كنت انتظر هذا الأسبوع بكل حماس. وفعلاً أتممت المهمة بنجاح وقمت بصنع نموذج صغير متحرك يسهل توضيح طريقة العمل والمبدأ العلمي ويبسطه بحيث يفهمه الصغار والكبار وغير المتخصصين. وقد كانت هذه الإضافة من أجمل الأمور وأحسنها، لأنه يسهل إيصال الفكرة أو المعلومة بشكل ماتع جميل ويشعرك بالإنجاز والفخر.
أما الأسبوع الرابع وفي يوم الأثنين منه تحديداً، حضرنا برنامج “موهبة الصيفي” والمقسم لثلاثة مسارات مختلفة كالتالي: (مسار برمج الطاقة والبحث العلمي ومكتشفو الطاقة). ففي مسار برمج الطاقة كنت أشاهد الموهوبات وكلهن حماس، وشغف للقيام بكل شيء بأنفسهن. فترى إحدى الطالبات تتنقل بين المجموعات لمساعدتهم في أي مشكلة تواجههم بعد الانتهاء من عملها في مشروعها. وعلى الرغم من ترحيب المدربة بأسئلتهن، يسعين بأنفسهن لحل التحديات، ويجربن الحلول مرارا وتكرارا حتى يصلن إلى الحل المناسب!
بعدها مررت بمسار البحث العلمي، حيث كنا نراقب الطالبات وهن يقدمن بحوثهن واحدة تلو الأخرى. فكنت أرى بعض الأخطاء فينبهني هذا لتجنبها في عملي لاحقا. والحقيقة أن تقديم الطالبات كان جيد جداً بسبب تشجيع بعضهن بعضاً واستمرارهن وإصرارهن على إنجاز العمل، وبالتأكيد هناك دور المدربة وصبرها وتشجيعها وتقديمها لأهم النصائح، كان له الأثر الأكبر في النجاح.
وفي المسار الأخير كان الطالبات لايزلن على حماسهن وطاقتهن حتى نهاية اليوم! فبعد الانتهاء من درس الطاقة النووية أخبرتهنَّ المدربة بقوانين اللعبة، وهذا ما كنَّ ينتظرنه ثم تم تسليم كل مجموعة ورقة عمل تحتوي على أسئلة وعليهن إيجاد الحلول في أرجاء المعرض. فأسرعن بالنزول إلى أرض المعرض يبحثن عن الإجابات بتنافس وحماس لاكتشاف المعروضات العلمية هناك.
آمنت حقاً بأن الأطفال هم قادة المستقبل فيجب إرشادهم وتقويمهم بالشكل السليم وتوجيههم لاكتشاف ذواتهم وعدم تقييد أفكارهم، وهذا ما وفره معرض مشكاة في برنامج موهبة الصيفي فشكرا لكم جميعاً لحسن تعاملكم واستضافتكم لنا فقد استفدنا الكثير واستمتعنا وتعلمنا، وأتمنى أن يستمر هذا البرنامج التدريبي وأن تتاح الفرص لغيرنا من الطالبات لتعم الفائدة.