فرصة تاريخية للمملكة في اعتماد الطاقة الشمسية الحرارية
لقد عرفت العديد من الحضارات الإنسانية منذ آلاف السنين، طرقاً وتقنيات متعددة لتجميع الطاقة الشمسية الحرارية والاستفادة منها في استعمالات متعددة كالتسخين والطبخ وغيرها. وفي العقود الأخيرة ازداد الاهتمام بها وتطورت بشكل كبير، و بلغ ذلك التطور أوجه في السنوات الأخيرة مع التقدم العلمي، فطُوّرت عدة تقنيات تتميز بكفاءة أعلى وتهدف لتجميع أكبر كمية من الطاقة الحرارية لضوء الشمس وتحويلها إلى طاقة كهربائية نظيفة. ومعلوم أن الطاقة الشمسية التي تصل إلى سطح الأرض كل 90 دقيقة فقط، تزيد عن 15 مليار طن نفط مكافئ من طاقة الشمس، وهي كمية من الطاقة تزيد عن الحاجات الأساسية الحالية للعالم بأسره…
يُمكن لمحطات الطاقة الشمسية الحرارية، إنتاج الطاقة الكهربائية حتى بعد غياب الشمس
ومع الوفرة الظاهرة للطاقة الشمسية في المملكة، إلا أن المشكلة الوحيدة تكمن في كيفية تخزين هذه الطاقة. فالشمس لا تظهر دائما عندما نكون بحاجة لها، لذا يُعَد الملح المنصهر المستخدَم في بعض المحطات الشمسية الحرارية، طريقة مثالية لتخزين الحرارة من الطاقة الشمسية، وعند الحاجة إلى الطاقة في الليل مثلاً، يمكن استخدام الملح المنصهر المخزن لتسخين الماء وإنتاج البخار، الذي بدوره يدير التوربينات لتوليد الكهرباء حتى بعد غياب الشمس.
لذا فمحطات الطاقة الشمسية الحرارية، تقوم باستغلال الحرارة الناتجة من الإشعاع الشمسي، الساقط على الأرض لإنتاج الكهرباء، وذلك باستخدام المرايا أو العدسات لتركيز كمية كبيرة من أشعة الشمس على منطقة صغيرة تحتوي على سائل لتسخينه مثل “الملح المنصهر”، والذي يُستخدَم بعد ذلك لإنتاج البخار وتشغيل التوربينات من أجل توليد الكهرباء.
والطاقة الشمسية وخاصة الحرارية منها، أصبحت جزءاً مهماً من التنوع الاقتصادي للمملكة، فهي من ناحية تدعم رؤيتها المستقبلية الواعدة، التي تسعى من خلالها لخلق مزيج متجدد من جميع مصادر الطاقة، ليس فقط لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة، بل لتصدير الطاقة الشمسية الفائضة عبر شبكات الربط الكهربائي. ومن ناحية أخرى تساهم في التقليل من بصمة طاقة البترول الكربونية المميزة.
يُعتبر “الملح المنصهر” طريقة مثالية لتخزين الحرارة من الطاقة الشمسية.
فمشاريع الطاقة الشمسية الحرارية هذه، بدأت بالظهور في أراضي المملكة، والتي من بينها محطة “وعد الشمال” بمنطقة الحدود الشمالية، ومحطة “ضباء الخضراء” بمنطقة تبوك، وذلك لإنتاج 50 ميجاوات من الطاقة الشمسية المركزة لكل منهما، وبذلك تعتبر المحطتان الجديدتان، نقلة نوعية فريدة في تاريخ الكهرباء في المملكة…
هذه المشاريع تؤكد على توجه المملكة إلى التوسع في استخدام مصادر الطاقة المتجددة وخاصة الشمسية، والاعتماد على الطاقة النظيفة مستقبلاً، والتقليل من استخدام الوقود الأحفوري، للاستفادة منه في دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق التوازن المثالي المطلوب.