برنامج موهبة الصيفي
بقلم أ. خالد اليمني – مطور برامج بمعرض مشكاة التفاعلي والنائب العلمي ببرنامج موهبة الصيفي
تصوير وإنتاج أ. عبدالله الشهراني – مطور برامج بمعرض مشكاة التفاعلي
عندما كنت في المرحلة الابتدائية أخذتني المدرسة لرحلة في مجمع الأمير سلطان للمساعدة في اختبار تجريبي. لم أكن أعلم ما هو ولم يكن يهمني ما هو وذلك لكوني سأترك الحصص المملة وأخرج خارج أسوار المدرسة، تاركاً زملائي خلفي. وصلنا إلى المجمع وأدخلونا الفصل وطلبوا منا الجلوس بأي مكان نريد، وحضر المشرف وسلم لكل طالب ورقة وأطلعنا أنه سيكون لكل سؤال وقت معين، وكنا نتوقع أنه سباق وليس اختباراً، لأنه أخبرنا أننا غير محاسبين عن إجاباتنا وأنه ليس له علاقة بتحصيلنا العلمي، فكانت أسئلة سرعة بديهة مثل أسئلة القياس للمرحلة الثانوية. كنا نتنافس من ينتهي أولاً بغض النظر عن الإجابة صحيحة كانت أم غير صحيحة. انتهت الاختبارات وعدنا إلى المدرسة وإلى حياتنا اليومية وكأن شيئاً لم يكن، ولم أعرف ما كان من هذا الاختبار ولم أكن مهتما، كل ما كان يهمني هو اللعب.
كبرت وتخرجت من الجامعة والتحقت بمعرض مشكاة التفاعلي كمرشد علمي. وبعد سنة من عملي في المعرض أطلعني زملائي بأنني سأكون مدرباً في “برنامج موهبة” حيث سيستضيفه المعرض لدينا كأول تشغيل لهذا البرنامج في معرض مشكاة في عام 2012م. شدني هذا البرنامج فبحثت عنه في الإنترنت، أردت أن أعرف المزيد عنه.
ما هو هذا البرنامج؟ وما هدفه؟ ولمن هو؟
اكتشفت أنني اجتزت هذا الاختبار عندما كنت في المرحلة الابتدائية. لم أستطع الانضمام لهذا البرنامج لسبب ما ولكن الآن لدي الفرصة لأكون ملهم هذا الجيل وأن أقوده ليصقل موهبته فربما يكون أحد قادة هذا البلد.
نحن الأن في عام ٢٠١٧م وهذه المرة السادسة لتشغيل برنامج موهبة في معرض مشكاة، ولله الحمد والمنة. وبعد انقضاء أسبوع من البرنامج أشعر بالسعادة لرؤية وجوه قادة المستقبل كل صباح يأتون إلى معرض مشكاة التفاعلي خلال وقت الإجازة الصيفية لكي يتطوروا ويبدعوا، بينما كثير من الناس يقضون أوقاتهم في النوم أو في السياحة. هذه الوجوه تزيدني حماسه أنا والمدربين والمتطوعين في البرنامج لنقدم كل ما نستطيع لهؤلاء الروَّاد.
ربما يخيل إلينا أحيانا أننا نجحنا أو استطعنا أن نجعل الطلاب يحبون ما نعمل، و قياس ذلك قد يكون صعباً قليلاً، ولكنا حاولنا ما باستطاعتنا لكي نريهم الطريق لاكتشاف موهبتهم. ولا يوجد أجمل من مشاركتهم لنا هذه المشاعر عن طريق الكتابة أو الصور أو الفيديو.
قام نواف العنقري وهو طالب في مجموعة الطاقة الذرية فقدم لي ورقة سطّر فيها بعض ما عرفه عن برنامج موهبة في هذا الأسبوع، لقد أعجبني ما كتب، وأحببت أن أشارككم فيه.
أعجبني المقال جداً حتى وإن كان قصيراً، ولكن كتابته لهذه المقال تعني لنا الكثير قد تكون الكتابة موهبته ويكون مستقبلاً أحد أدباء هذا البلد وبهذا نكون قد ساعدناه في موهبته حتى من غير قصدٍ منا.
قمت بكتابة هذه الكلمات بعد انقضاء أول أسبوع من برنامج موهبة الصيفي. لم أتوقع أنني سأعود لتكملتها بعد انتهاء البرنامج ولكن ها أنا أعود مرة أخرى.
نعم انقضت ثلاثة أسابيع مع (قادة المستقبل)، حماسهم خلال هذه المدة لا يصدق. كانوا لا يريدون قضاء وقت الاستراحة الخاصة بهم باللعب أو التحدث مع زملائهم. كانوا يأتون إليَّ ويسألونني هل يمكننا التوجهه لهذا المسار لاستكمال مشروعنا؟ وعيونهم خائفه من أن أجيبهم بالرفض. ولكن ما لا يعرفه هؤلاء، أن ذلك زادني حماسا لكي أحاول كل ما أستطيع لدعمهم في هذا المجال.
ولكن ما كان مؤثرا فعلا بالنسبة لي هو رؤية إحدى المجموعات في مشاريع البحث العلمي يذكرون في مصادر بحثهم اسم أحد المدربين!… كيف استطاع هذا المدرب الوصول إلى ثقتهم المطلقة خلال ثلاثة أسابيع فقط؟
ألا تحتاج هذه العلاقة إلى وقت أطول لبنائها؟ الحمد لله لقد استطعنا بناء الثقة بوقت أقل محطمين جميع النظريات. لماذا؟ لأننا نؤمن برسالتنا ولدينا الاستعداد التام لبذل الغالي والنفيس لهؤلاء القادة.
آخر أسبوع كان الأصعب بالنسبة لنا كنا مرهقين ومتعبين، ولكن كان قد اقترب الحفل الختامي لرؤية ثمار عملنا، هذا سيزيح التعب والإرهاق عن أكتافنا.
وجاء الحفل الختامي وبدأ أولياء الأمور بالدخول… الكل يبحث عن ابنه لكي يُعلمه أنه قدِم لكي يرى ما صنع خلال هذه الفترة. بدأ المدربون بالتحدث إليهم لإطلاعهم على ما صنع أبناؤهم خلال هذه الأسابيع. وكنت أنتظر ردة فعلهم بحماس ولكن للأسف لم يُظهر أي واحد منهم أي تعبير!.. واسيت نفسي بكون الحفل لم ينتهِ بعد…
طبعا في نهاية كل حفل لا بد من تكريم جميع من عمل في هذا البرنامج، وأيضاً الأهم تكريم القادة لعملهم وحماسهم خلال هذه الأسابيع الثلاثة. بدأنا بالتكريم واشتد التصفيق من الطلاب عندما كان يذكر اسم كل مدرب أو متطوع أو مشرف في البرنامج. كانت هذا التصفيق مثل العلاج الشافي لذلك التعب الكبير، كأنهم بتصفيقهم أزالوه عن أكتافنا، وكان الجميع يشعر بالسعادة. ولكن ما جعلنا أكثر سعادة هو رؤية أولياء الأمور وهم يشكروننا بحماسه ظاهرة، وأعينهم تود أن تقدم أكثر من مجرد شكر لما صنعناه لأبنائهم، وأيضاً تأكيد الجميع وطلبهم بالمزيد من هذه البرامج مستقبلاً.
سأستمر بالكتابة ولن أتوقف لكن لا أستطيع أبداً أن أصف لكم ما أشعر به نحو جميع من عمل خلال هذه الفترة. ولكن قد يستطيع هذا الفيديو إيصال ولو جزءٍ بسيطٍ من شعورنا نحوكم.