تحلية المياه النمو الواعد!
تُشكِّلُ المياه العذبة في القرن الحادي والعشرين، التحدي الأهم للشعوب والحكومات على حدٍ سواء، حيث يشهد العالم تراجعاً ملحوظاً في كمية المياه العذبة، بسبب ما يلحقها من هدرٍ في العديد من الاستعمالات غير المرشدة، كذلك التلوثٍ الذي يهدد مصادرها. وينتج عن هذا كله تخوفٌ كبير من ندرة مصادر المياه الكافية لتلبية حاجات البشر. و يُقدَّر عدد السكان المستفيدين اليوم من المياه المحلاة في العالم بحوالي 300 مليون شخص. مما دفع دول عديدة للجوء إلى تحلية مياه البحر، رغم ارتفاع تكلفتها، للتزوُّد بالمياه العذبة.
يُقدَّر عدد السكان المستفيدين اليوم من المياه المحلاة في العالم بحوالي 300 مليون شخص
وخلال العقدين الماضيين، شهدت محطات تحلية المياه تطورات سريعة في إنتاج المياه العذبة من البحار. وفي الوقت الحالي تعتمد حوالي 150 دولة على تحلية مياه البحار، في توفير متطلباتها الأساسية للاستعمال اليومي من المياه العذبة. حيث تنتج أكثر من 18 ألف محطة تحلية حول العالم كل يوم ما يقارب 86 مليون متر مكعب من المياه الصالحة للشرب، و يُمثل إنتاج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ما يعادل 44% من هذه الكمية. ورغم أن غالبية الدول في الشرق الأوسط غنية بموارد النفط والغاز، إلا أنها تفتقر إلى موارد المياه العذبة.
كما أن 4.4% من سكان العالم يعيشون في منطقة الشرق الأوسط، لكنهم لا يحصلون إلا على 1.1% من موارد المياه المتجددة في العالم، نتيجةً لطبيعة البلاد الصحراوية وقلة مياه الأمطار فيها. لذلك يعتبر تطوير تقنيات تحلية المياه للحصول على المياه العذبة، من أولويات الحكومات في الشرق الأوسط، وخاصة المملكة العربية السعودية، حيث يوجد في المملكة حوالي 28 محطة تحلية مياه، بقُدرة إنتاجية أكثر من مليار متر مكعب سنوياً.
تعتبر غالبية الدول في الشرق الأوسط غنية بموارد النفط والغاز، إلا أنها من أفقر الدول بموارد المياه العذبة
وتنتج المملكة حالياً أكثر من 18% من المياه المحلاة في العالم. كما تسعى لافتتاح أكبر محطة لتحلية المياه، بقدرة إنتاجية تُقدر بأكثر من مليون متر مكعب من الماء الصالح للشرب يومياً، وطاقة إنتاجية تُقدر بحوالي 2400 ميجاوات من الكهرباء. ولم تقف المملكة عند هذا الحد فحسب، بل تعمل أيضاً على تنويع مصادر الطاقة. و يأتي استخدام الطاقة الشمسية في تحلية المياه كخيار استراتيجي لعدة أسباب، أهمها أنها طاقة نظيفة لا تشكل عبئاً على البيئة، كما أنها متوفرة في المملكة، بشكل كبير على مدار العام، إضافة إلى التكلفة المنخفضة لاستخدام هذه الطاقة في تحلية المياه المالحة.
هذه الخطوات الإيجابية التي تنوي المملكة أن تقوم بها ستقودنا إلى ظهور مؤشرات قوية تُبشر بأهمية المرحلة المقبلة، التي ستشهد نمواً واعداً لصناعات وطنية هامة في هذا المجال.